بعض عقائد المسيحية العظمى بقلم: العلاًمة المتنيح نيافة الأنبا غريغوريوس(الجزء الثانى)

بعض عقائد المسيحية العظمى 
بقلم: العلاًمة المتنيح نيافة الأنبا غريغوريوس
(الجزء الثانى)

محاضرة أُلقيت فى مؤتمر الخدمة والخدام بكاتدرائية الشهيد مارجرجس بكفر أبو النجا بطنطا فى يوم الأربعاء 23 من يوليو 1986 م - 16 من أبيب  1702 ش

لماذا خلقنا الله ؟
عقيدتنا إذن فى الله أنه هو الذى خلقنا وأوجدنا، ولابد له من حكمة فى خلقة الإنسان وفى خلقة كل الخليقة، هذه الحكمة صعب علينا أن نتقصاها، كثير من الناس يسألون ويقولون لماذا خلقنا الله ؟ خصوصا عندما يكون الإنسان متعب فى حياته ومتضايق، يقول هل خلقنا الله لكى يعذبنا ؟، لا.. لا.. الله خلقنا بقصد حسن، ولابد أن يكون الله قد خلقنا لخيرنا، لأن الوجود خير من العدم، لأن الله وهو فى سعادة لا تُستقصى، فمن فضل محبته ومسرته للخير، خلق كائنات لتشاركه وجوده وتشاركه الخير والسعادة. لم يخلقنا الله لنشقى، بل خلقنا لخير يعود علينا

وليس صحيحاً ما يقال أن الله خلقنا لنعبده، الكلام الذى كان يقال لنا ونحن أطفال صغار، أن الله خلقنا لشىء يعود عليه هو، حاشا.. الله فى غنى عنا، فلا يمكن أن يكون القصد الأساسى من أجل خلقته لنا، أن يكون الله خلقنا لنعبده، لأنه فى هذه الحالة يكون أراد من الخلق شىء يعود عليه هو، حاشا.. بل خلقنا لنشارك معه فى الخير الذى يحياه، ثم نحن بالذات كبشر خُلقنا لنشارك معه فى العمل والخلق،  وبعض آباء الكنيسة الذى أدرك هذا المعنى، قال: أننا خُلقنا لنكون آلهة، بمعنى أن الله بنا يخلق، والله بنا يعمل، فيا لشرف الإنسان، أنه يعمل، وفى هذا العمل خلق، والإنسان له هذا الشرف أن يكون مع الله خالقاً، وبالله خالقاً والله به خالقاً، هذه كرامة الإنسان، انظروا التعبير الجميل الموجود فى الكتاب المقدس، الأصحاح الأول من سفر التكوين: "لنخلق إنساناً على صورتنا وعلى مثالنا"، نخلق إنساناً على صورتنا، مثلنا، طبعا صغار، إنما على نظام سيدنا، وعلى نظام خالقنا، مثله، ثم أنه عند خلق الإنسان قال له: "املئوا الأرض وأخضعوها"، ياللجمال، انظروا التكليف للإنسان، املئوا الأرض وأخضعوها، ماذا تعنى اخضعوا الأرض؟ تعنى أنه لو تمردت الأرض على الإنسان فللإنسان سلطان على الأرض أن يخضعها لإرادة الله فيه، املئوا الأرض واخضعوها وتسلطوا ، انظروا التكليف، فلا تقول أنا لا أقدر أن أعمل شىء، الإنسان له هذه العظمة أنه سيد، وخُلق ليكون سيداً، ومكلف بأن يخلق، وأن يسود وأن يسيطر على الطبيعة بأمر الله، الله خلقه لهذا، وتسلطوا على سمك البحر، على طير السماء، على كل دابة تدب على الأرض 

خُلق الإنسان إذن، ليس بهدف عبادة الله، إنما خُلق ليسعد مع الله وليشارك مع الله وجوده، وأيضا ليكون مع الله خالقاً، ومن هنا فإننا فعلا نرى كيف أن الإنسان استطاع فى فترة وجوده على الأرض، أن يغير، وأن يبدل، وأن يعدل، وأن يخترع، وأن يبتكر، وأن يخلق، ليس فقط أن يسيطر، وأن يحكم الحيوان والطير والسمك وما إليها من الخليقة، والذى ينظر بين ما نحن عليه من حضارة اليوم، حضارة إنسانية وبين ما كان عليه الإنسان فى بدء خلقته، يلمس كيف أن الله بالإنسان خلق وغيّر وأبدل وعدل وأوجد ما لم يكن موجودا !! 

الإنسان يقول: أنا لا أقدر اعمل شىء ، الله يعمل كل شىء، ليس هذا تواضع، بل هذا تنصل من المسئولية، لا تتصور أن الذى يقول هذا الكلام شخص متواضع أو متدين، إنما هذا نوع من التنصل من المسئولية ، يحيلها على الله ويبين أنه لا يقدر أن يعمل شىء، لا.. نحن خلقنا لنعمل، وليس هذا يتعارض مع إيماننا، بالقدرة العليا والسيادة العظمى التى لخالقنا إله الآلهة، نحن آلهة، نعم، وهو إله الآلهة، نعم ..

كلمة "إله" فى العربى معناه "ما حيّر العقل"
فالإنسان إله صغير، نعم، وليس كبرياء أن نقول عن الإنسان إنه إله صغير، وليس تنكراً لإله الآلهة، لا.. إنما التنكر أننا نلغى وجود الإنسان، لا نظن أن هذا تدين، الإنسان له وجوده، والله شاء أن يكون الإنسان خالقاً وأن يكون الإنسان إلهاً، وأنه مكلف من قبل الله أن يعمل وأن يخلق وأن يوجد، ومنحه الوزنات وهى المواهب والأدوات التى بها يخلق ويوجد ويذلل العقبات.

ورد فى موسوعة موضوعات وإجابات على أسئله متنوعه .. الجزء الثالث  –  رقم (53)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بدعة كيرينثوس

مكانة المرأة في الخدمة الكنسية والحياة النسكية – د. سعيد حكيم

أسئلة عن تلاميذ السيد المسيح