كيف تحول بعض الأرثوذكس للإحتفال بعيد الميلاد في ٢٥ ديسمبر؟؟الأرثوذكسية ين فكي كمال اتاتورك و رحى البطريرك ميليتيوس ميتاكساكيس

كيف تحول بعض الأرثوذكس للإحتفال بعيد الميلاد في ٢٥ ديسمبر؟؟
الأرثوذكسية ين فكي كمال اتاتورك و رحى البطريرك ميليتيوس ميتاكساكيس!!
+++++++
نقطة طرحها أحد الأباء و الوعاظ المشهورون بالأمس عن أن بعض الطوائف المتفقين معنا إيمانيا و عقيديا تحتفل يوم ٢٥ ديسمبر، متهما المتمسكين بالتعصب!!

تعالوا نبدأ الحكاية و نفهمها من الناحية التاريخية:

 عام 1583 وجه غريغوريوس بابا روما نداء إلى الكنيسة الأرثوذكسية (الخلقيدونية) طالبها فيه بتغيير تقويمها و الإعتراف برئاسة روما.
 عقد آباء الكنيسة الأرثوذكسية اجتماعاً لرؤساء الكنائس و مندوبيهم في نفس العام و رفضوا كل مطالب روما.

كمال أتاتورك و عام ١٩٢٣ م
________
ظلت كل الكنائس الأرثوذكسية تحتفل يوم ٢٩ كيهك (قبطي) أو ٧ يناير يولياني حتى نهاية الحرب العالمية الاولى، و التي كانت تركيا أحد محاورها، و خرجت منها تركيا منهارة من عباءة الخلافة العثمانية للدولة العلمانية التركية الجديدة بقيادة كمال اتاتورك عام ١٩٢٣  و من وراءه إنجلترا و فرنسا، و كان هدفه الأول تغريب تركيا و دمجها في المجتمع الأوروبي، فلغى الحروف العربية و استبدلها باللاتينية، لغى الحجاب و ألزم الاتراك بالتخلي عن الزي التقليدي و الطربوش و ألزمهم بالزي الأوروبي.

و بالطبع كان لكنيسة القسطنطينية نصيب  من هذا التغريب، فتم تهجير كل اليونانيين بالقوة من تركيا و خاصة اقاليم البنطس، و الكبادوك و أفسس، و ذبح الكثير من الرهبان و الراهبات، و في العلن وجد اتاتورك ضالته في شخص ماسوني غريب الاطوار محب للسلطة.

ميليتيوس ميتاكساكيس
_________
في زيارتي الثانية لجبل اثوس في ديسمبر من عام ٢٠١٥، تصادف وجودي يوم ٢٥ ديسمبر هناك و وجدت أن جبل أثوس بأجمعه لا يحتفل ٢٥ ديسمبر بل السابع من يناير معنا، و هناك سألت عن السبب، خاصة أن اليونانيين يحتفلون خارج الجبل في الخامس و العشرين من ديسمبر، و كانت أول مرة أسمع عن ملاتيوس أو ميليتيوس ميتاكساكيس و الذي ما يأتي بعد اسمه لقب "الماسوني" في كل انحاء الجبل، و في كل مرة يُذكر تاريخ الإحتفال ٢٥ ديسمبر بالجبل، ختى يعقبه ذكر اسم ميليتيوس ميتاكساكيس و الذي يلقبه أباء اثوس رغم إختلاف أعمارهم  "بالماسوني"

العجيب عندما بحثت عنه باللغتين العربية و الإنجليزية، وجدته بالفعل ماسوني.

أما من هو ميليتيوس ميتاكساكيس (باليونانية: Μελέτιος)‏، فهو أحد أغرب البطاركة في التاريخ، و الوحيد الذي صار بطريركا للقسطنطينية ثم بعدها  الأسكندرية، في مخالفة صريحة للمجامع المسكونية، و لم يكن إلا قطعة شطرنج في يد إنجلترا و فرنسا للسيطرة على كنائس الشرق بعد فشل إرساليتهم في كثلكة وتغريب الشرق خاصة البيزنطي.

 الاسم العلماني له هو إيمانويل ميتاكساكيس Εμμανουήλ Μεταξάκης؛ من مواليد 21 سبتمبر 1871 - 28 يوليو 1935) كان رئيسًا لاساقفة اليونان من عام 1918 إلى 1920 باسم ميليتيوس الثالث، وبعد ذلك وجدت إنجلترا تحديدا ضالتها فيها، خاصة بعد تعاونه معهم،  فأصبح البطريرك المسكوني للقسطنطينية باسم ميليتيوس الرابع من عام 1921 إلى عام 1923 و بعدها بطريرك الإسكندرية اليوناني مليتيوس الثاني من عام 1926 إلى عام 1935!!!

وهو الوحيد في تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية الذي خدم على التوالي بصفته الأسقف الأكبر لثلاث كنائس مستقلة، و كل المراجع تؤكد إنه ماسونيًا، و دائما يقترن لقب "الماسوني" بذكره في جبل أثوس كما ذكرت.

في عام 1923 جمع  ميليتيوس ميتاكساكيس الماسوني مجمعا لبعضط
 رؤساء الكنائس الأرثوءكسية، خلق بسببه فوضى في الأعياد في الكنيسة الأرثوذكسية الخلقيدونية :
في العام 1923 عقد إجتماع في القسطنطينية بدعوة من بطريركها آنذاك ملاتيوس الرابع (ميتاكساكيس)، وكان على برنامج عمله اقتراحات تغيير التقويم إضافة إلى تغيير طريقة الصوم وتقصير الصلوات وأمور أخرى مثل السماح للكهنة بلبس السترة (البدل الغربية حسب تعليمات كمال اتاتورك)، وحلق اللحى (حسب تعليمات أتاتورك ولإحداث حالة من التوازن بين الشيوخ المسلمين من الأتراك و الكهنة البيزنطيين).
(لاحظوا بعد حوالي قرن كامل من الزمان يتم إعادة طرح هذه الأفكار في كنيستنا القبطية من التغيير ل ٢٥ ديسمبر و تقصير صوم الرسل، و مطالبة أحد كهنة الاسكندرية بعمل الكهنة في مجالاتهم من في الطب والهندسة!!).

حضرت هذا الاجتماع كل من كنائس صربيا ورومانيا واليونان وتغيبت عنه الاسكندرية (و التي صار ميليتيوس بطريركا لها من نفس العام لتنفيذ أجندته مع المحتل الإنجليزي لمصر)، و أيضا حضرت أورشليم وروسيا (و التي كانت تعاني من نيران الثورة البلشفية الجديدة و نير الشيوعيين الذين إغتالوا البطريرك الشهيد تيخن بالسم و الذي تنبأ وقت إستشهاده بالسبعون عاما من الإضطهاد الشيوعي لروسيا).

 أما بطريركية بلغاريا فلم تكن قد وجهت إليها الدعوة من الأساس.

 وعند إنتهاء الإجتماع وافقت بعض الكنائس على اعتماد التقويم الغربي في الأعياد السيدية جميعها ( الميلاد وغيره ) ومنها كنائس قبرص واليونان وأنطاكيا، على أن يبقى عيد القيامة على التقويم الشرقي (و الحساب الأقبطي التي وضعته كنيسة الإسكندرية و أعتمده أباء مجمع نيقية العظيم و أبائه من المعترفين في سجون دقلديانوس).

و إنقسمت الكنائس الأرثوذكسية من العائلة الخلقيدونية بسبب ميليتيوس ميتاكساكيسج الماسوني إلى:

١.  كنائس انطاكية، القسطنطينية، الإسكندرية، اليونان، قبرص، رومانيا، وبلغاريا تتبع التقويم الغريغوري في تحديد الأعياد الثابتة، و تحتفل بعيد الميلاد ٢٥ ديسمبر.

٢.  كنائس روسيا، أورشليم، صربيا، وأديرة الجبل المقدس أثوس بالكامل، إضافة إلى دير القديسة كاترينا في سيناء فتعتمد التقويم اليولياني (المتطابق مع التقويم القبطي و الحساب الأبقطي) في تحديد هذه الأعياد، و الإحتفال ٧ يناير.

ويعيّد كل العالم الأرثوذكسي عيد القيامة و ما يتبعها من أعياد متحركة (مثل الصعود و العنصرة) بحسب التقويم اليولياني (المتطابق مع التقويم القبطي و الحساب الأبقطي).

و هما نقطة في غاية الأهمية و هي أن من الناحية العددية، أغلب الأرثوذكس  الخلقيدونيين هم أتباع التقويم اليولياني القديم، أي حوالي الخمسة و السبعين بالمائة (75%) من الأرثوكس الخلقيدونيين يحتفلون ٧ يناير بالميلاد.

أما النتيجة الأسوأ و التي يتجاهلها أو لا يعرفها بعض من الداعيين لتغيير التقويم القبطي في كنيستنا القبطية العريقة هو الإنقسام الكبير الذي حدث بين أبناء تلك الكنائس المتحولة للتقويم الغريغوري و ٢٥ ديسمبر، فانفصل بعضا من اساقفة و كهنة و رهبان كل كنيسة مع الغيورين من شعبهم، و وجدنا  حتى اليوم الكنيسة اليونانية و البلغارية و الرومانية لأصحاب التقويم القديم، و رغم مرور حوالي القرن من الزمان، ففشلت كل محاولات الوحدة بيت الكنيسة اليونانية و الكنيسة اليونانية لأصحاب التقويم، و بالمثل بين الكنيسة البلغارية و الكنيسة البلغارية لاصحاب التقويم القديم، و بالتمام في رومانيا و قبرص.

و الأهم يظهر الأن تيار جديد من الارثوذكس المتمسكون في سوريا و لبنان من حركة الشبيبة الارثوذكسية (حماة الإيمان النسخة الرومية التي ترفض الحركة المسكونية شكلا و موضوعا و يعتبرونها حركة ماسونية تمهد لإستعلان ضد المسيح)، و يطالبون لعودة الكنيسة الأنطاكية للإحتفال ٧ يناير بحسب نصائح و إرشاد الأباء في جبل أثوس،  و ذلك رغم مرور قرن من الزمان على التغيير!!
++++++
الأرمن

أما الأرمن (أرثوذكس لا خلقيدونيبن و ايضا كاثوليك!!) فإنهم يعيدون الميلاد والظهور الإلهي (الغطاس) في يوم واحد في السادس من يناير، وذلك لأنهم لم يتبعوا التقليد الذي بدأه القديس يوحنا ذهبي الفم وثبته إمبراطور الروم يوستينانوس الاول و حكم بالفصل بين عيدي الميلاد والظهور الإلهي (اي الغطاس).

و بسبب الظروف السياسية لأرمينيا (بين إستقلال و حكم ذاتي، و بين الوقوع في منطقة الصراع بين فكي الإمبراطوريتين البيزنطية و الفارسية بسبب موقعها الجغرافي، فلم تطبق قرار يوستنيانوس، و إحتفظت بتقليدها العائد لأيام كرازة الرسولين تداوس و برثلماوس و ثبته الشهيد بغير سفك دم القديس غريغوريوس الأرميني، فيكون العيدان عندهم في يوم واحد هو السادس من يناير 

أما الروس والروم الأرثوذكس المقدسيون (اورشليم) مثلاً فيعيدون الميلاد في 7 يناير و الغطاس في 19 يناير، مع باقي الكنائس الارثوذكس الذين لم يغيروا، بالإضافة للأرثوكس المنشقين عن كنائسهم التي غيرت الملقبون بالأرثوذكس أصحاب التقويم القديم.

++++++++
السريان الأرثوذكس و معهم إخوتنا الهنود السريانيين (التابعين لملفان جاثليق الهند)

في ثلاثينات القرن العشرين سمح مجمع الكنيسة السريانية الأرثوذكسية لرعاياه من السريان و القليل من الهنود المتواجدين هناك في تلك الفترة في أمريكا الشمالية بالاحتفال حسب التقويم الغربي ٢٥ ديسمبر بحجة الإحتياج الرعوي و مواكبة الجيران من الشعوب الغربية في العالم الجديد، و ذلك رغم عدم تحول الصرب و الروس تحديدا  و الذين سبقوا السريان للعالم الجديد بحوالي ٥٠ سنة.

و مع زيادة أعداد المهاجرين السريان وتضارب مواعيد الأعياد بين السوريين المحليين و السريان المهاجرين و الذين كانوا يمثلون الأراخنة و الدخل الرئيسي للكنيسة المحلية في سوريا في فترة سياسية متقلبة جدا، رأت الكنيسة بعدها بحوالي ٢٠ سنة أي في بداية الخمسينات أن تحول السريان في العالم كله إلي الإحتفال بهذا التقويم ليصبحوا الكنيسة الأرثوذكسية اللاخلقيدونية الوحيدة التي تحتفل بالميلاد حسب التقويم الغريغوري.

و بحسبة بسيطة للتعداد القبطي و الأثيوبي و الإريتري، إضافة إلى الأرمن، في مقابل السريان و الهنود الارثوذكس، نجد أن نسبة الأرثوذكس غير الخلقيدونيين الذين لااااا يحتفلون ٢٥ ديسمبر تتعدى ال ٩٥%!!

 و بكل أسف أعقب هذا التغيير عند السريان سلسلة مستمرة من التنازلات في الأصوام و الاتفاقيات الرعوية المهينة مع الفاتيكان و غيرها، مثلما يحاولون الأن فعله معنا نحن الأقباط من محاولات لتغيير لتقويمنا و إختصار أصوامنا (مثل إقتراح تقليص صوم الرسل و قطمارس صوم الرسل)، وعدم إعادة المعمودية، مرة بحجة الإحتياج الرعوي و مرة بحجة الوحدة الكاذبة و المحبة الغاشة، أما اسوأهم فبحجة وجود خطأ في التقويم القبطي و هو ما قمنا بالرد عليه بالتفصيل.

الخلاصة أن إختراق كنائسنا و تغيير أعيادنا و مدد أصوامنا الطويلة التي تزعج إبليس و جنوده لن تتم مادام بطاركتنا و أساقفتنا ثابتون في إيمانهم، عارفون لتاريخ أبائهم،  و قارئون لتاريخ أعداء الكنيسة و حيلهم، مختبرون لحلاوة ليتورجياتهم، و قوة الأصوام و الصلوات،  أما التغيير فلا يحدث إلا بصورة نماذج و أمثال ميليتيوس ميتاكساكيس و الذي يلقبه أباء  أثوس دائما بالماسوني، المنبطح لأتاتورك و الذي أبعده بعدما فشل في جعل الإكليروس يتخلون عن ملابسهم السوداء ليرتدوا البدل الإفرنحية!!!

________________
الصورتين للماسوني ميليتيوس ميتاكساكيس و مصطفى كمال أتاتورك.

 كما ترون في ملامح أتاتورك إجتهاده الشديد ليظهر في شكل اسياده من الإنجليز و هو يرتدي البدلة بعدما تخلى عن الزي التقليدي للحكام الأتراك.

_________
في النهاية يخبرنا سفر دانيال أن من ملامح الإعداد لإستعلان ابن الأثيم  ضد المسيح هو تغيير التقويم و الأعياد و الذي يحتاج لقرون:
"وَيَتَكَلَّمُ بِكَلاَمٍ ضِدَّ الْعَلِيِّ وَيُبْلِي قِدِّيسِي الْعَلِيِّ، وَيَظُنُّ أَنَّهُ يُغَيِّرُ الأَوْقَاتَ وَالسُّنَّةَ، وَيُسَلَّمُونَ لِيَدِهِ إِلَى زَمَانٍ وَأَزْمِنَةٍ وَنِصْفِ زَمَانٍ." (دا 7: 25)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بدعة كيرينثوس

مكانة المرأة في الخدمة الكنسية والحياة النسكية – د. سعيد حكيم

أسئلة عن تلاميذ السيد المسيح