المجامع المسكونية والهرطقات - الأنبا بيشوي19- مجمع القسطنطينية: 3- بدعة أبوليناريوس والرد عليها

المجامع المسكونية والهرطقات - الأنبا بيشوي
19- مجمع القسطنطينية: 3- بدعة أبوليناريوس والرد عليها
 

العجيب أن أبوليناريوس Apollinaris of Laodicea مع أنه قد علّم بالطبيعة الواحدة للسيد المسيح، عكس عقيدة نسطور الذي فصل المسيح إلى طبيعتين منفصلتين، ولكن العجيب أنه بالرغم من أن كلًا منهما (نسطور وأبوليناريوس) قد وصل إلى عقيدة ضد عقيدة الآخر تمامًا إلا أن السبب في هرطقة أبوليناريوس هو أحد أسباب هرطقة نسطور، أو ربما يكون السبب الرئيسي. بمعنى أنهما قد سقطا في خطأ واحد. وقد حاول كل منهما أن يعالج إحدى الهرطقات أو المعضلات العقائدية، فوقع في هرطقة ضد هرطقة الآخر.

St-Takla.org Image: Jesus Christ Pantokrator Our King, modern Coptic icon صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح ملكنا ضابط الكل، أيقونة قبطية حديثة

St-Takla.org Image: Jesus Christ Pantokrator Our King, modern Coptic icon

صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد المسيح ملكنا ضابط الكل، أيقونة قبطية حديثة

كان الخطأ الذي وقع فيه كل من نسطور وأبوليناريوس إنهما اعتقدا أن الروح الإنساني العاقل في المسيح لابد أن يكون شخصًا إنسانيًا، وإلا كيف يُنسب إلى هذا الروح الإنساني العاقل الفكر وحرية الإرادة.. الخ. فأراد أبوليناريوس أن يعالج هذه المشكلة التي أوقع فيها نفسه، بأن يلغى وجود الروح الإنساني العاقل في المسيح، لكي لا يكون في المسيح شخص إلهي وشخص آخر إنساني. فراودته فكرة منظومة التكوين الثلاثي Trichotomy للإنسان فقال كما أن الإنسان مكوّن من جسد ونفس وروح عاقل، كذلك فإن الله الكلمة المتجسد يكون مكونًا من جسد ونفس وروح عاقل: هو أقنوم الكلمة أي لاهوته.

فبحسب فكر أبوليناريوس: حيث أن الله روح واللوغوس هو العقل الإلهي منطوق به فلا شك أن هذا الروح الإلهي الذي هو الله  الكلمة يتصف بصفة العقل، وحيث أن الله روح ويتصف بالعقل فما الداعي لوجود روح عاقل للمسيح؟ وبهذا جعل لاهوت الابن الكلمة عوضًا عن الروح الإنسان العاقل في المسيح. وكان هدفه حل مشكلة وجود شخصين للكلمة المتجسد. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). الشخص الأول هو: شخص أقنوم الكلمة، والشخص الثاني هو: الروح الإنساني العاقل ليسوع، حسب تصوره للفكرة، وكان تصوره خاطئًا. وتصور هو بذلك إنه قد تحاشى فكرة وجود شخصين في المسيح. لأن ذلك في نظره يجعل الفادي المخلص ليس هو الله ولكن هو شخص الإنسان يسوع الناصري.

بالرغم من أننا نتفق مع أبوليناريوس في رفض فكرة شخصين في المسيح، إذ نعتقد أن المخلص هو يسوع وهو هو نفسه الله الكلمة. أي أن الله الكلمة هو نفسه صار إنسانًا وخلصنا بموته المحيى. إلا أننا لا نتفق مع أبوليناريوس في إلغائه لعقيدة وجود روح إنساني عاقل للمسيح، وبالتالي إلغائه لكمال ناسوته.

ولقد أكّد الآباء القديسون على وجود شخص واحد للمسيح هو شخص الله الكلمة. فقال القديس أثناسيوس الرسولي "لقد جاء كلمة الله في شخصه الخاص(1)" The Word of God (Logos) came in His own person. كما قال القديس كيرلس الكبير: إن الله الكلمة لم يتخذ شخصًا من البشر بل هو نفسه اتخذ طبيعة بشرية كاملة جسدًا محييًا بروح عاقل، وجعل هذا الناسوت خاصًا به جدًا (2) أي جعله في اتحاد طبيعي مع لاهوته.

وبالرغم من إننا سوف ندرس في دراستنا لمجمع أفسس هرطقة نسطور ورد القديس كيرلس عليها، إلا إننا لن ندع الفرصة تفوت الآن لكي نوضّح كيف وقع نسطور في هرطقته منطلقًا من نفس الخطأ الذي وقع فيه أبوليناريوس.

_____

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بدعة كيرينثوس

مكانة المرأة في الخدمة الكنسية والحياة النسكية – د. سعيد حكيم

أسئلة عن تلاميذ السيد المسيح