بعض عقائد المسيحية العظمى بقلم: العلاًمة المتنيح نيافة الأنبا غريغوريوس(الجزء السادس عشر والأخير)

بعض عقائد المسيحية العظمى 
بقلم: العلاًمة المتنيح نيافة الأنبا غريغوريوس
(الجزء السادس عشر والأخير)

محاضرة أُلقيت فى مؤتمر الخدمة والخدام بكاتدرائية الشهيد مارجرجس بكفر أبو النجا بطنطا فى يوم الأربعاء 23 من يوليو 1986 م - 16 من أبيب  1702 ش

الله واحد مثلث الأقانيم :
بعد هذا الدرس الذى حفظناه، أراد الله أن يرقينا، ويدخلنا إلى طبيعته فأعطانا درس ثانى، الدرس الثانى أكثر تقدماً من الدرس الأول لكن لا يتعارض معه، ومبنى عليه، الدرس الأول هو أن الله واحد، والدرس الثانى فى صفات الله، وخصائصه التى بها يكون الله هو الله، فالله أصل الوجود، أصل ، ومن هنا سُمى بالآب، معنى "الآب أصل". فالآب كلمة شرقية سامية  معناها الأصل، فالله هو الآب، والآب ليس جزء فى الله ، الله ذاته هو الآب، لأنه أصل الوجود ، ولا يمكن أن يكون الوجود من دون أن يكون الله أصلٌ 

ثم أن الله روح، وكما قال المسيح للمرأة السامرية، الله روح،  وكما قال فى سفر العدد: 
الله أبو الأرواح، وأصل الأرواح، وواجد الأرواح، أصل، ونحن فينا روح، والملائكة أرواح مرسلة للخدمة.

مَن أصل هذه الأرواح؟ 
الله، إذن الله هو روح لكن هو الروح الأعظم. والقدس لأنه قدوس، إذن الروح القدس هو الله ذاته، وليس جزء فى الله ، هذا من حيث هو أصل الأرواح. وأصل الحياة، هذه هى الخاصية الثانية فى الذات الإلهية، الأقانيم خاصيات فى الذات الإلهية الواحدة، وليست أجزاء، ولذلك آباء الكنيسة عندما بدأوا يتكلموا بالعربى قالــوا: الله أحادى الذات مثلث الأقانيم والصفات، لكن هناك فرق بين صفة نسبية وصفة ذاتية، الصفة النسبية عندما تقول الله جميل، أو الله خيّر، إلى آخره، إنما الصفات الذاتية هى التى تقوم عليها الذات الإلهية، فعندما تقول إنسان رحيم، يوجد إنسان آخر غير رحيم، إذن الرحمة ليست صفة ذاتية، ولكنها صفة نسبية، لكن عندما تقول: الله أصل الوجود هذه صفة ذاتية، وعندما تقول الله هو الروح القدس  هذه صفة ذاتية، ولذلك كلمة أقانيم فى اليونانى "هيبو استاسيس":
"هيبو"   تعنى   "ما تحت"
و"استاسيس  " تعنى"   التى تقوم عليها"، هيبو استاسيس

ولأن الله هو العقل الأكبر، العقل الأعظم، العقل فى الله ليس جزء منه، فالله كله عاقل، ولأنه تجسد فصار يُسمى بالكلمة، لأن الكلمة تجسيد للعقل، لأن العقل قوة غير منظورة، يظهر متجسداً فى الكلام. عندما نقول فلان عاقل، كيف عرفناه أنه عاقل والعقل قوة خفية؟ إنما عاقل لأنه من كلامه يبدو أنه عاقل، فالكلمة تجسيد للعقل، فلأن الله تجسد، فالمسيح الذى ظهر على الأرض، هو كلمة الله، بمعنى أنه تجسيد للعقل الإلهى غير المنظور.

فهنا الثلاثة الأقانيم، أو الثلاثة الصفات الذاتية، ليست أقسام فى الذات الإلهية، الله  واحد ولا ينقسم، إنما هذه الصفات تقوم عليها الذات الإلهية، ومن دونها تنعدم الذات الإلهية ولا يكون لها وجود.

والشىء الغريب أن هذا بالنسبة للإنسان كما قال الآباء، أنت إنسان موجود له وجود، الأمر الثانى أنك عاقل، والعقل فيك لا يقدر أن تقول أنه فى جزء معين، حقا أنه يتجلى فى المخ، لكن العقل والقوة تملأ كيان الإنسان كله، ثم أنك حىّ والحياة روح، ومع ذلك لا يوجد انقسام، الإنسان واحد. إنسان له ذات حية عاقلة على مثال الله، إذن التثليث ليس هو تقسيم فى الذات الإلهية، إنما التثليث بيان للصفات الذاتية، التى تقوم عليها الذات الإلهية، إذن لا تعارض بين الدرسين، ولكن درس مبنى على الثانى، ولذلك الاعلان عن التثليث جاء متأخراً.

بهذه الطريقة بينّا أن التثليث لا يتعارض مع التوحيد، ثم بينّا أيضا معنى التجسد، ولماذا كان هناك التجسد، ومَن هو المتجسد؟ هو الله ذاته، ولكن التجسد معناه أن الله أخذ صورة إنسان أو اتخذ جسداً.

ورد فى موسوعة موضوعات وإجابات على أسئله متنوعه .. الجزء الثالث  –  رقم (53)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بدعة كيرينثوس

مكانة المرأة في الخدمة الكنسية والحياة النسكية – د. سعيد حكيم

أسئلة عن تلاميذ السيد المسيح