بعض عقائد المسيحية العظمى بقلم: العلاًمة المتنيح نيافة الأنبا غريغوريوس(الجزء الرابع عشر)

بعض عقائد المسيحية العظمى 
بقلم: العلاًمة المتنيح نيافة الأنبا غريغوريوس
(الجزء الرابع عشر)

محاضرة أُلقيت فى مؤتمر الخدمة والخدام بكاتدرائية الشهيد مارجرجس بكفر أبو النجا بطنطا فى يوم الأربعاء 23 من يوليو 1986 م - 16 من أبيب  1702 ش

ما معنى التجسد ؟
كما رأى أبونا موسى العليقة وهى تحترق، والله يتكلم من العليقة، لكن موسى رأى عليقة أى شجيرة، وأغصانها ضعيفة ولذلك تتعلق على غيرها، ولكن رأى نار والله تكلم، كيف الله الذى يملأ السموات والأرض، انحصر فى جزء صغير فى العليقة ؟ الله لا ينحصر، إنما موسى الذى لم يرَ إلاّ هذا الجزء، موسى قدرته لم تقدر أن ترى إلاّ قطعة صغيرة والباقى مخفى، فالوجود الإلهى والبهاء الإلهى يملأ السموات والأرض، لكن لم يُسمح لموسى إلاّ أن يرى جزءاً من هذا البهاء ، وليس معنى هذا أن الله انحصر، لأن الله لا ينحصر، والمسيح عندما صعد فوق جبل التجلى، وأراد أن يؤكد للتلاميذ قبيل إتمام رسالته الإلهية، يؤكد لهم صحة الكلام الذى نطق به بطرس الرسول، عندما قال: أنت هو المسيح الله ابن الله الحى، وهذا هو النص القبطى فى إنجيل لوقا، فى متى يقول: أنت المسيح ابن الله الحى. وفى إنجيل لوقا: أنت المسيح الله، هو الله وابن الله فى نفس الوقت، الله لأنه هو الله نفسه، به كان كل شىء، وابن الله أى الذى تجلى، الله الذى تجلى، فهو ابن ليس بمعنى أن الله يلدكما يلد الإنسان أو الحيوان، حاشا، حاشا ..  الله لايلد إنما كلمة "ابن الله" هنا بمعنى التجلى، أو الصورة، لأن الواحد عادة فى لغة الإنسان، نحن نستخدم لغة واللغة مادية، الذى درس منكم علم اللغة وأصول علم اللغة، اللغة دائما مادية ففى نشأة الإنسان الأول كان يعبر عن الحاجات المادية باللغة ، وعندما يجد أن هناك معنى آخر غير المعنى البحت، يضطر أنه يحمل الموقف معنى آخر، ولذلك يسموه الألفاظ المعنوية، ولذلك تجد فى أى قاموس من القواميس الكبيرة، تجد لتفسير كلمة واحدة  من عشرة إلى خمسين كلمة تفسرها. فكلمة ابن الله  ليس معناها أن الله يلد بالمعنى البشرى، حاشا. عندنا مثل أشعة الشمس، هذا المثل كان الآباء كثيراً يستخدموه، باعتبار أن الشمس هى تجلى لإله الكون، الشمس مثلا تولد منها أشعتها، لكن ليس بمعنى الزواج، لا يوجد هنا معنى الزواج نهائيا، لكن بمعنى أن أشعتها منها هى، لكن كلمة منها ليس بمعنى أنها متأخرة فى الزمان، لأنه منذ أن كانت الشمس شمس فأشعتها منها، خارجة منها، لا نقدر أن نتصور لحظة فى الزمان، كانت الشمس ولم تكن أشعتها خارجة منها، أو كما قال أثناسيوس الرسولى لا نقدر أن نتصور نبع لم يكن فيه ماء، هو اسمه نبع لأن فيه ماء، فلا يوجد لحظة من الزمان مرت، كان فيه نبع بدون مياه، لكن نحن نعرف أن اللفظ الذى يقال أن الماء من النبع، لكن لا يوجد فرق زمنى بين النبع والماء، لأنه حيث يكون هنا نبع  لابد أن يكون فيه مياه، وحيثما تكون شمس فهناك أشعة، وبحسب النظر نرى الأشعة نازلة من فوق، ولأن الأشعة نزلت على الأرض فكذلك الشمس نزلت على الأرض، وفى الشتاء نقول تعالوا نجلس فى الشمس، لذلك نطلق على أشعة الشمس، أنها الشمس نفسها. لكن لا فرق بين الأشعة والشمس نفسها، لأن الأشعة من الشمس، ولا نقدر أن نتصور الشمس فى يوم من الأيام، كان لها وجود من دون أن تكون لها أشعة خارجة منها.

 "ابن الله" بمعنى التجلى، صورة الله الغير المنظور، الصورة هى الحاجة المنظورة، لأن اللــه فى ذاته غير منظور، لكن اتخذ شكلاً منظوراً، ولذلك نقول الكلمة اتخذ جسدا، فى النص القبطى، (آف تشى ساركس). كما قال القديس أثناسيوس الرسولى: كان ولم يزل إلهاً،  لكن اتخذ جسداً، استتر فى جسد، احتجب فى جسد. صار له الجسد حجاب له ، خبأ نفسه.

لماذا؟ 
لأنه لولا هذه التخبئة كانت احترقت مريم، هى كالعليقة، لأن العليقة ضعيفة، كيف تتحمل النار كيف ينزل اللاهوت إلى العذراء مريم، وتصير العذراء سماء ثانية، ما لم يحتجب، ولولا هذا الاحتجاب لكانت البشرية كلها احترقت، كيف  ينزل الله على الأرض والارض لا تحترق، فكان لابد أن يستتر، لأنه أراد أن يكلم الإنسان، أراد أن ينزل إلى الإنسان، أراد أن يفتش عن الإنسان، أراد أن يزور الإنسان، لكن لو نزل بكمال لاهوته لاحترقت الأرض، فكان لابد أن يستتر رحمة  بنا، رحمة بالبشرية، هذا هو التجسد. ما معنى التجسد؟ اتخذ جسداً، استتر فى جسد، احتجب فى الجسد. من يشتغلوا فى مصنع الحديد والصلب يلبسوا خوذه، وكذلك الذين يشتغلوا فى المطافى لابد أن يلبسوا خوذه لكى تحميهم، فالله رحمة بالبشرية عندما أراد أن ينزل إلى الأرض، كان لابد أن يحتجب، هذا معنى أنه اتخذ جسدا، لكن هو الله ذاته. وهذه نفس الصورة التى قالها الكتاب: أن الله بعدما كلم الآباء بالأنبياء قديماً، بأنواع وطرق كثيرة، كلمنا فى هذه الأيام فى ابنه، فهنا الله يتكلم، وهو الكلمة، لكن الكلمة بمعنى أنه الخالق، لكن استتر فى الجسد، واحتجب فى الجسد.

ورد فى موسوعة موضوعات وإجابات على أسئله متنوعه .. الجزء الثالث  –  رقم (53)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بدعة كيرينثوس

مكانة المرأة في الخدمة الكنسية والحياة النسكية – د. سعيد حكيم

أسئلة عن تلاميذ السيد المسيح