بعض عقائد المسيحية العظمى بقلم: العلاًمة المتنيح نيافة الأنبا غريغوريوس(الجزء الخامس)

بعض عقائد المسيحية العظمى 
بقلم: العلاًمة المتنيح نيافة الأنبا غريغوريوس
(الجزء الخامس)

محاضرة أُلقيت فى مؤتمر الخدمة والخدام بكاتدرائية الشهيد مارجرجس بكفر أبو النجا بطنطا فى يوم الأربعاء 23 من يوليو 1986 م - 16 من أبيب  1702 ش

ما هى الأبدية ؟
أحد آباء الكنيسة أراد أن يشرح الأبدية، فقدم وسيلة إيضاح  وقال:  
لنفرض أنه مطلوب من عصفور أن ينقل إلى مكان بعيد عن الأرض، جميع حبات الرمال التى على شواطىء البحار والمحيطات جميعها، ولكن لا قدرة له على أن ينقل فى منقاره إلاّ حبة واحدة، من هذه الحبات التى هى ملايين الملايين، ولأن المكان بعيد، فلا يعود هذا العصفور ليأخذ الحبة الثانية إلاّ بعد عام، ففى كم من ملايين السنين يمكن لهذا العصفور، الذى لا يقدر أن يرجع إلاّ كل عام لكى يأخذ حبة واحدة، كم ملايين الملايين الملايين من السنين تمر، حتى يستطيع هذا العصفور أن ينقل جميع حبات الرمال، التى على جميع شواطىء البحار والمحيطات. تصوّر هذا المثل اللطيف الذى يقوله أحد القديسين، ثم يقول: حتى لو نجح هذا العصفور الخيالى فى نقل جميع حبات الرمال التى على جميع شواطىء البحار والمحيطات، فلا تكون الأبدية قد بدأت، أو قطعت مرحلة أكثر من بداءتها

كل هذا يعطينا فكرة أن حياتنا متصلة، فبعد الموت أو بعد هذا الدهر كله، لازال أمامنا دهور إلى ما لانهاية، إذن فلنشعر أننا خُلقنا لقصد حسن، ولنشعر أننا خُلقنا للعمل، ولنشعر أننا لنا شرف أننا نعمل مع الله، وبالمواهب التى أعطانا الله إياها، عملاً متواصلاً لا يتوقف 

أنت نفسك ممكن وأنت هنا على الأرض، تدرك أن هذه الصفة موجودة فيك، وأنك لا تتوقف عن التفكير، ولا تتوقف عن العمل، لأنك عندما تكون أحيانا متعب وتقول أريد أن أستريح، وتريد أن تنام، وتنام لتأخذ راحتك نصف يوم أو يوم، بعد ذلك تجد نفسك لا تطيق النوم، وتريد أن تقوم، وحتى وأنت نائم تفكر، ولا تستطيع أن توقف فكرك عن التفكير، لماذا؟ 

لأن هذه الروح لا تتوقف أبداً عن العمل حتى فى النوم، نعم، وهذا هو سبب الأحلام، لماذا الإنسان وهو نائم يحلم، والحلم فى الإنسان عبارة عن نشاط للفكر، حتى الأحلام التى نسميها الأحلام الطبيعية،  لأن هناك أحلام إلهية، وتوجد أحلام طبيعية، هذه الأحلام معناها على الأقل، أن هناك نشاط والإنسان نائم، والذى ينام هو طبقة اللحاء التى لا تتعدى 3 مم، نوع من التخدير لهذه الطبقة اللحائية، إنما الإنسان فى كيانه الحق لا ينام، وفى هذا هو على صورة خالقه لا ينام، ولا يتوقف عن التفكير وعن العمل، هذه الصفة الدائمة  الموجودة فى طبيعتنا، والتى تجعلنا على صورة الله، هى التى يمكن بها أن نتصور، أن هذا الإنسان الذى لا يتوقف ذهنه على التفكير، وروحه عن العمل والفكر والخلق، كيف مع الزمن يمكن أن يصل نتاج عمل الإنسان، ونتاج حياته المتصلة، والخلق والابتكار والابداع والإيجاد، الذى يمكن أن يصنعه الإنسان مع الزمن الطويل اللا نهائى، الذى نحن كرمنا الله، بأن جعلنا كائنات وإن كنا لسنا أبديين فى طبيعتنا، لكن الله منحنا وعداً منه هذه الأبدية، حتى يتواصل عمل الإنسان ويتواصل خلقه وإبداعه وابتكاره، ويتواصل أيضا نتائج عمله، وأن بعد هذاالدهر توجد أدهار آتية ..

ورد فى موسوعة موضوعات وإجابات على أسئله متنوعه .. الجزء الثالث  –  رقم (53)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بدعة كيرينثوس

مكانة المرأة في الخدمة الكنسية والحياة النسكية – د. سعيد حكيم

أسئلة عن تلاميذ السيد المسيح