بعض عقائد المسيحية العظمى بقلم: العلاًمة المتنيح نيافة الأنبا غريغوريوس(الجزء الحادى عشر)

بعض عقائد المسيحية العظمى 
بقلم: العلاًمة المتنيح نيافة الأنبا غريغوريوس
(الجزء الحادى عشر)

محاضرة أُلقيت فى مؤتمر الخدمة والخدام بكاتدرائية الشهيد مارجرجس بكفر أبو النجا بطنطا فى يوم الأربعاء 23 من يوليو 1986 م - 16 من أبيب  1702 ش

الظهور ليعقوب أبو الأسباط :
ثم نجد يعقوب أبو الأسباط، الذى أخذ البكورية من عيسو، وحدث خصام، لدرجة أن عيسو أنذر أنه سيقتل أخوه، فتدخلت الأم بعاطفتها وقالت له: يا ابنى اذهب من هنا واذهب لخالك لابان، لئلا أعدم كليكما، فسافر يعقوب واستمر 20 سنة بعيد عن بيت أبوه، لكنه أراد أن يعود بعد 20 سنة، وكان قد تزوج وأنجب أولاد، وكان عنده غنم وبقر إلى آخره.. وهو عائد فكر فى نفسه أنه من الجائز أن يكون أخوه مازال حاقد عليه، فأرسل من قبله من يجسوا النبض ويعلموا مشاعر عيسو من نحو يعقوب، قبل أن يقابله يعقوب، ورجعوا هؤلاء الناس وقالوا له أخوك قادم ومعه 400 رجل، فقال فى نفسه أنه سيقتلنى، ارتعب جدا يعقوب وترك زوجته وأولاده، ودخل فى مغارة وأخذ يصلى بحرارة وبكاء، ويقول لله انقذنى من يد أخى عيسو، واستمر طول الليل يصلى، وعند الفجر أو فى الهزيع الأخير ظهر له إنسان، ليس من الأشخاص الذين يعرفهم، والمغارة لا يوجد فيها أحد، وهو هنا يقول إنسان، وفى موقع آخر يقول ملاك، وفى مكان ثالث يقول: جاهد مع الله وغلب، إذن هل هو إنسان، أو مــــلاك، أو الله، هو كائن روحانى ظهر فى شكل إنسان، ولأنه ليس من الأرض فسُمى ملاك، لأن الملاك كلمة عبرانية معناها رسول. إذن هذا الكائن الذى لا يعرف أصله هو مُرسل من السماء، فسماه إنسان، لأنه فى شكل الإنسان، وسماه ملاك لأنه كائن من عالم آخر، ثم قال مرة ثالثة أنه جاهد مع الله وغلب.

ظهر له هذا الكائن ودخل فى مصارعة معه، كلمة مصارعة، تعنى واحد له شكل وجسم، والمصارعة فيها ضرب وملاكمة أى حاجة متجسدة، ولها حجم وصلابة وكتلة ووزن وما إلى ذلك، صارعه، ثم هذا الكائن الروحانى استضعف أمام يعقوب، أعطى فرصة ليعقوب لكى يغلبه، وكان هذا إجابة لصلاة يعقوب، لماذا؟ كانت حياته صعبة جداً وكان فى احباط ويأس مطلق، فعندما يرى نفسه أنه قد انتصر على كائن وغلبه، هذه ترفع معنوياته، ويكون فيها استجابة لصلاته، أنه سينتصر.

فالله يريد أن يُفَرّح يعقوب لأن نفسه مُرة، فظهر له فى شكل إنسان، وأعطى فرصة له أنه يغلب، وهذه رفعت له معنوياته جدا وفهم أن هذه استجابة، ولكن الله خاف عليه من الغرور، كما قال بولس الرسول: "لئلا ارتفع فوق الاعلانات أُعطيت شوكة فى الجسد"، هذا الكائن الروحانى لكزه فى حق فخذه، وبهذه اللكزة صار يعقوب  يخمع كل أيام حياته، يخمع، أى يعرج، انظر لكزة بسيطة من هذا الكائن جعلته يعرج كل أيام حياته. وطبعا كانت فى صالحه لئلا ينسى، فأدرك يعقوب أن هذا ليس إنسان عادى، فقال له: "لا أطلقك إن لم تباركنى، قال له يُدعى اسمك إسرائيل لأنك جاهدت مع الله وغلبت"، وكلمة إسرائيل كلمة عبرية  "ائيل" تعنى "الله"، و" اسر" تعنى "صارع"، إسرائيل معناها أنه "صارع مع الله".

إذن مَن هذا الكائن الذى ظهر ليعقوب فى المغارة؟ مَن هو؟ 
هنا يعقوب يسأل هذا الكائن، ما اسمك؟ قال له لماذا تسأل عن اسمى، فى مرة أخرى قال لأحد الأنبياء لماذا تسأل عن اسمى واسمى عجيب !! وهذا ما قال عنه إشعياء النبى: "ويدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً أبا الأبد رئيس السلام"، فيعقوب أدرك أن هذا الكائن ليس إنسان، ولذلك سمى المكان فنوئيل، المغارة سميت فنوئيل، "ايل" تعنى "الله" و"فنو" تعنى "تجلى" ، "الله تجلى"، الله ظهر، عظيم هو سر التقوى، الله ظهر، فهذه إحدى ظهورات وإحدى تجليات المسيح، قال الكتاب المقدس: "كان فى العالم والعالم لم يعرفه"، أى كان فى العالم من قبل مريم، نعم كان فى العالم منذ آدم، وهو الذى كلم آدم، وكلم إبراهيم واسحق ويعقوب وموسى وصموئيل، كان فى العالم والعالم لم يعرفه.

ورد فى موسوعة موضوعات وإجابات على أسئله متنوعه .. الجزء الثالث  –  رقم (53)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بدعة كيرينثوس

مكانة المرأة في الخدمة الكنسية والحياة النسكية – د. سعيد حكيم

أسئلة عن تلاميذ السيد المسيح