بعض عقائد المسيحية العظمى بقلم: العلاًمة المتنيح نيافة الأنبا غريغوريوس(الجزء الأول)

بعض عقائد المسيحية العظمى 
بقلم: العلاًمة المتنيح نيافة الأنبا غريغوريوس
(الجزء الأول)

محاضرة أُلقيت فى مؤتمر الخدمة والخدام بكاتدرائية الشهيد مارجرجس بكفر أبو النجا بطنطا فى يوم الأربعاء 23 من يوليو 1986 م - 16 من أبيب  1702 ش

بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد آمين

نطالع الأصحاح الأول من رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل كولوسى بركاته علينا آمين: 
"بولس رسول يسوع المسيح بمشيئة الله وتيموثيئوس الأخ  إلى القديسين فى كولوسى والإخوة المؤمنين فى المسيح، نعمة لكم وسلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح. نشكر الله، وأبا ربنا يسوع المسيح كل حين، مصلين لأجلكم إذ سمعنا إيمانكم بالمسيح يسوع، ومحبتكم بجميع القديسين، من أجل الرجاء الموضوع لكم فى السموات، الذى سمعتم به قبلاً فى الكلمة حق الإنجيل. الذى قد حضر إليكم كما  فى كل العالم أيضا وهو مثمر، كما فيكم أيضا منذ يوم سمعتم وعرفتم نعمة الله بالحقيقة، كما تعلمتم أيضا من ابفراس العبد الحبيب معنا، الذى هو خادم أمين للمسيح لأجلكم، الذى أخبرنا أيضا بمحبتكم فى الروح، من أجل ذلك نحن أيضا منذ يوم سمعنا، لم نزل مصلين وطالبين لأجلكم أن تمتلئوا من معرفة مشيئته، فى كل حكمة وفهم روحى، لتسلكوا كما يحق للرب فى كل رضى، مثمرين فى كل عمل صالح ونامين فى معرفة الله، متقوين بكل قوة بحسب قدرة مجده لكل صبر وطول أناة بفرح، شاكرين الآب الذى أهلنا لشركة ميراث القديسين فى النور، الذى أنقذنا من سلطان الكلمة ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته، الذى لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا، الذى هو صورة الله غير المنظور بكر كل خليقة  - الأول قبل الخليقة  - فإنه فيه خُلق الكل ما فى السموات وما على الأرض ما يرى وما لا يرى، سواء كان عروشاً أم سيادات أم رياسات أم سلاطين، الكل به وله قد خُلق، الذى هو قبل كل شىء وفيه يقوم الكل، وهو رأس الجسد الكنيسة الذى هو البداءة بكر من الأموات لكى يكون هو متقدماً فى كل شىء، لأنه فيه سُر أن يَحل كل الملء، وأن يصالح به الكل لنفسه عاملاً الصلح بدم صليبه بواسطته سواء كان ما على الأرض أم ما فى السموات، وأنتم الذين كنتم قبلاً أجنبيين وأعداء فى الفكر  فى الأعمال الشريرة قد صالحكم الآن، فى جسم بشريته بالموت ليحضركم قديسين وبلا لوم ولا شكوى أمامه، إن ثبتم على الإيمان متأسســين وراسخين، وغير منتقلين عن رجاء الإنجيل،  الذى  سمعتموه المكروز به فى كل الخليقة التى تحت السماء، الذى صرت أنا بولس خادماً له، الذى الآن أفرح فى آلامى لأجلكم، وأكمل نقائص شدائد المسيح فى جسمى، لأجل جسده الذى هو الكنيسة، التى صرت أنا خادماً لها حسب تدبير الله المعطى لى لأجلكم، لتتميم كلمة الله السر المكتوم منذ الدهور ومنذ الأجيال، لكنه الآن قد أُظهر لقديسيه، الذين أراد الله أن يُعَرّفهم ما هو غنى مجد هذا السر فى الأمم، الذى هو المسيح فيكم رجاء المجد، الذى ننادى به منذرين كل إنسان، ومعلمين كل إنسان بكل حكمة، لكى نحضر كل إنسان كاملاً فى المسيح يسوع، الأمر الذى لأجله أتعب أنا أيضا مجاهداً، بحسب عمله الذى يعمل فىّ بقوة"
نعمة الله فلتحل على أرواحنا آمين ...

شكراً لله على هذه الفرصة  التى أتيحت لنا متجددة، لنرى وجوهكم ونتعزى بالإيمان المشترك فى هذه الإيبارشية المباركة، التى تحت رعاية هذا الحبر الجليل جزيل الاحترام، الذى يتفانى فى خدمة هذا الشعب، الذى اشتراه المسيح بدمه، نيافة أخينا الحبيب الأنبا يوأنس أو يوحنس، أرسله الله رحمة وحناناً ليرعى هذا الشعب ويقوده فى مسيرة الخلاص 

إذا كان لنا بحسب ما ذكر صاحب النيافة، أن نتكلم أو أن نتأمل فى عجالة وفى إيجاز، عن بعض عقائد المسيحية العظمى 

أهم هذه العقائد إيماننا بالله الأبدى الأزلى:
ما هى أهم هذه العقائد التى انعقد إيماننا عليها، وصارت معقودة فى رؤوسنا، ارتبطنا بها وصرنا نحن متميزين، والتى بها أصبحنا نُعرف أننا مسيحيون، لأن هذه العقائد بنظرة عامة، يمكن أن يقال أن شعوباً أخرى تشترك معنا فيها أو فى بعض نواحيها. إنما نحن إذا قلنا أننا مسيحيون، فالمسيحية فينا لها صفات متميزة، فنحن نعتقد أول ما نعتقد، بأن الله خالقنا وخالق هذا الكون، وأنه فى وجوده أزلى قبل الأكوان وقبل كل الدهور، وعبارة "قبل كل الدهور" عبارة تتضمن أن هناك دهوراً سابقة على وجودنا، والدهر زمن غير محدود، الله كائن قبل كل الدهور، إذا اعتبرنا أنه منذ آدم إلى يوم المجىء الثانى دهراً، وهذا كثيراً ما يتردد فى الكتاب المقدس "هذا الدهر"، فنحن نؤمن أنه قبل آدم كان هناك زمان سحيق فى القِدم، كانت هناك دهور، والله كائن منذ الأزل منذ لم يكن هناك دهر كدهرنا، وهذا معنى أن اسمه "يهوه"، حينما سأل موسى النبى  الذات الإلهية التى تجلت فى نار ونور فى العليقة، وعندما جاء موسى وقال أميل لأنظر هذا المنظر العجيب، كيف أن العليقة تشتعل فيها النار ولم تفنها، اقترب موسى وسمع صوتاً: يا موسى اخلع نعليك من قدميك، لأن الأرض التى أنت واقف عليها أرض مقدسة، أدرك موسى  فى ذاته، أن الله  مالىء السموات والأرض تجلى، تجلى له فى هذا المكان الصغير، غير المنظور جعل نفسه منظوراً من أجل موسى ليبلغه رسالة، وحينما أمره بأن يعود إلى مصر وأن يخرج بنى إسرائيل من أرض مصر، سأل موسى الكليم الله قائلا: ماذا أقول للشعب، مَن الذى أرسلنى، مَن أنت، ماذا أقول لهم لأعرفهم بالذى أرسلنى؟، ولأول مرة يقول له قل لهم: يهوه أرسلنى إليكم، لأول مرة يكون هناك هذا الاسم الذى لا يُنطق به، "يهوه" ويهوه مشتقة من الفعل العبرانى "أهيا"، بمعنى أكون، الكائن، الكائن حاضراً، الكائن فى الماضى وفى الحاضر والمستقبل، ومنه فعل الكينونة باستمرار فى جميع اللغات، فى العربى نقول أكون أو يكون، وفى الإنجليزى Verb to be  وهو المضارع دائما

فكون ربنا يقول عن نفسه أنا "يهوه"، يعنى أنا "الكائن  فى الحاضر، الكائن فى الماضى، والكائن فى المستقبل"، هذا التقسيم فى الحاضر والماضى والمستقبل هو تقسيم فى عالم الإنسان، نظراً لضيق قدرة الإنسان أن يعى ذهنه لهذا التقسيم الزمنى إلى الماضى والحاضر والمستقبل. لا وجود لهذا التقسيم بالنسبة لله لذلك يقولوا: "الله غير الزمنى" ولا وجود له بالنسبة للذين خرجوا من هذا العالم، الماضى والحاضر والمستقبل مرتبط بالوجود على الأرض

"يهوه"، معناه الكائن دائماً أو الدائم، أو الأزلى الأبدى، الذى لا بداءة له ولا نهاية له، هو البدء الذى لا بدء له، وهو أبو الأبد، أصل الأبد، عندما يقول "ويدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً أبو الأبد"، مكتوبة فى بعض الكتب أباً أبدياً، هى "أبو الأبد"، بالعبرانى أبو الأبد، أصل الأبد، أصل ، وليس أباً أبدياً، لا.. أبو الأبد، أصل الأبد

إذن الإله الذى نحن نؤمن به هو الأزلى الأبدى، وهذا هو السبب لماذا كل الخليقة تشير إلى هذه الأزلية الأبدية بالنسبة للخالق، الشمس كرة، وكل كوكب كرة، والقمر وكل قمر أيضا كرة، لماذا الكرة؟ لأن الكرة لها دائرة، والدائرة هى الشكل الهندسى، الذى يشير إلى الأزلية الأبدية، يبدأ من حيث ينتهى وينتهى من حيث يبدأ، وكأن الخليقة تشير إلى خالقها، لماذا الشمس كرة، ولماذا الأرض وكل كوكب آخر كرة، لماذا؟ لماذا القمر وكل قمر كرة، لماذا الأفلاك تسير فى كرة وفى دائرة، الذرّة وهى أصغر جزء من المادة، ما هى؟ نواة تجرى من حولها الألكترونات، تجرى فى دائرة، أصغر جزء من المادة كرة، والحركة دائرية، ولا نهاية لهذه الحركة، لماذا الكل يدور فى شكل دائرة؟ وفى هذا الشكل الدائرى، ولماذا كانت الحركة دائرية، لا توقف وكأن كل شىء يشير إلى الخالق، يشير إلى الخالق أنه أزلى أبدى

وهذا هو السبب أيضا، لماذا الحمل فى القربان المقدس دائما يُقدم فى شكل دائرة، لأن فى هذا الشكل الدائرى يشير إلى الله 

الله إذن يهوه، الله هو الدائم، الله الذى بدء وجوده لا يستطيع أحد أن يصل مداه، هو الأول، الأول قبل الخليقة، ولذلك يقول الرسول بولس عن المسيح: بكر كل خليقة، بمعنى أنه الأول قبل الخليقة، الأزلى قبل كل الوجود

ورد فى موسوعة موضوعات وإجابات على أسئله متنوعه .. الجزء الثالث  –  رقم (53)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بدعة كيرينثوس

مكانة المرأة في الخدمة الكنسية والحياة النسكية – د. سعيد حكيم

أسئلة عن تلاميذ السيد المسيح