المانويين الزنادقة

المانويين الزنادقة
وصف المانويين بالزندقة وكلمة "زنديق" هي كلمة فارسية دخيلة مشتقة من "زنديك" وتعني أتباع "زند"، وتشير إلى النوع الخاص من التقاليد المكتوبة الثابتة التي تنتمي إلى الشكل المجوسي من شيز، وإنما وصف المانوية بهذا الإسم كدلالة على أنهم أتباع تقاليد هرطقية -إذ أن كلمة زنديق قد حازت على هذه الدلالة في العصور الساسانية- ولأنهم ربطوا مع ديانة المجوس.
 
أغسطينوس والمانوية
ويقع هذا الكتاب في خمسة أجزاء، ويعتبر من أهم كتابات شيشرون الفلسفية. إنه عبارة عن مقاومة بين المدارس الفكرية المختلفة (الأبيقورية والرواقية والمشائية) بخصوص موقفها من قضية الخير والشر. فاتجهت بهذا نفس الفتى أغسطينوس المتعطش لطلب الحكمة, فصار يروي ظمأه منها بدل الاقتصار على طلب اللذة والشهوة الصارخة في أعماقه، فاشتد الصراع في داخله بين حب اللذة وحب الحكمة، إلى أن وقع تحت تأثير شيعة المانويين. ويحدثنا بنفسه في كتابه «الاعترافات» عن إنزلاقه ووقوعه في فخ هذه البدعة، قائلاً: «طول تلك السنوات التسع الممتدة بين سن التاسعة عشرة والثامنة والعشرين من عمري كنا فريسة لشهوات مختلفة. كنا نغري الناس ويغروننا ونخدعهم ويخدعوننا، تارة علناً بواسطة العلوم وطوراً سراً تحت شعائر الدين الكاذبة».
هكذا قضى أغسطينوس تسع سنوات يتجرع فيها أفكارهم المسمومة وفلسفتهم الكاذبة مترنماً معهم الأنشودة التي ينشدونها كشعار وإقرار لإيمانهم التي تقول: «ربي هبني عفة الحياة، ولكن ليس الآن».
 
ماذا أخذ من بوذا والزردشية والمسيحية؟
.. بدأ مانى دعوته في الهند مما جعل بعض المؤخرين يعتقدون أنه أخذ نظرية التناسخ من البوذية أو بعض المذاهب الهندية الأخرى (1). أخذ ماني عن الزردشيه قولهم بأن العالم مصنوع من أصلين: نور، وظلمة. لكنه أختلف معهم ومع المجوس في اعتقاده بأنه النور والظلمة قديمان أزليان،بينما يعتقد المجوس بان الظلام محدث وليس قديماً. وأخذ ماني عن النصرانية عقيدة التثليث، فالإله عنده: مزيج من "العظيم الأول "، و "الرجل القديم"، و "أم الحياة ". وفي النصوص التي حفظت عن المانوية عبارات مأخوذة عن الأناجيل المسيحية (2). ويعتقد ماني بتناسخ الأرواح، وأن هذا التناسخ يقع على الأجزاء النورانية من الإنسان، وآمن بنبوتي عيسى عليه السلام وزر دشت، ويؤمن ماني بأنه خاتم الأنبياء، وقد أرسل لتبليغ كلام الله إلى الناس كافة. وأطلق الفرس على ماني ومن تبعه " الزنادقة " وسبب هذه التسمية أن زر دشت جاء الفرس بكتاب اسمه " البستاه " وعمل له تفسيراً أسماه " الزند " وجعل للتفسير شرحاً أسماه " الباز ند ". وكان من أورد في شريعتهم شيئاً بخلاف المنزل الذي هو "البستاه" وعدل إلى التأويل، وأنه منحرف عن الظواهر من المنزل إلى تأويل هو بخلاف التنزيل، فلما جاءت العرب أخذت هذا المعنى عن الفرس وقالوا: زنديق، وعربوه، والثنوية هم الزنادقة، ولحق بهؤلاء سائر من اعتقد القدم، وأبي حدوث العالم وعلى رأسهم "المانوية " (3). وللمانوية تنظيم دقيق، فهيكل الجماعة يقوم على خمس طبقات متسلسلة كأبناء العلم، وابناء العقل وأبناء الفطنة، وآخر طبقة السماعون وهم سواد الناس، ولكل طبقة من هذه الطبقات شروط وتكاليف.. ونجح ماني في إدخال أخوين لسابور في تنظيمه (4) وبعد أن لقي ماني مصرعه على يد بهرام، اتخذ أتباعه عيداً لهم أسموه "بيما" ذكرى لمقتل نبيهم الشهيد، واستمرت الدعوة بشكل سري بعد اضطهاد الزردشتين لهم.
 
والمانوية من الديانات الثنوية أي تقوم على معتقد أن العالم مركب من أصلين قديمين أحدهما النور والآخر الظلمة، وكان النور هو العنصر الهام للمخلوق الأسمى وقد نصب الإله عرشه في مملكة النور، ولكن لأنه كان نقيا غير أهل للصراع مع الشر فقد استدعى "أم الحياة" التي استدعت بدورها "الإنسان القديم" وهذا الثالوث هو تمثيل "للأب والأم والابن"، ثم إن هذا الانسان والذي سمي أيضا "الابن الحنون" اعتبر مخلصا لأنه انتصر على قوى الظلام بجلده وجرأته، ومع ذلك استلزم وجوده وجود سمة أخرى له وهي سمة المعاناة، لأن مخلص الإنسان الأول لم يحقق انتصاره إلا بعد هزيمة ظاهرية.
و يعد موضوع آلام الإنسان الأول وتخليصه الموضوع الرئيسي في المثيولوجيا المانوية، فالإنسان الأول هو المخلص وهو نفسه بحاجة للافتداء.
و قوام الخلاص هو تحرير الروح من سجنها الجسدي فبذلك يمكنها أن تصعد لله، هذا وقد سبب لها تعايشها الطويل مع الجسد نسيان أصلها السامي أي سبب لها الجهل، والخلاص من الجهل هو المعرفة، ولذلك هو بحاجة للمخلص والذي سمى "ابن الله" أو "يسوع". والجسد ورغباته شر لأنهما يمنعان الروح من الخلاص ولذلك تشجع المانوية على الزهد والرهبنة.
 
نظام المانيين
تحرم المانوية كل ما من شأنه تشجيع شهوات الجسد الحسية، وبما أن اللحم ينشأ من الشيطان فلذلك كان محرما، فالمانوية أعدوا ليعيشوا على الفواكه وخاصة ال[[بطيخ]]، كما أن الزيت مستحسن. أما الشراب فقد كان عصير الفواكه هو الاختيار الأول وفرض اجتناب تناول كمية كبيرة من الماء لأنه مادة جسدية، كما حرم عليهم قتل الحيوانات والنباتات ومن يفعل ذلك فإنه سيعاقب بولادته من جديد الشيء الذي قتله، فرض عليهم التخلي عن الزواج والمعاشرة الجنسية التي تعتبر شيئا شريرا كما عد الإنجاب أسوأ منها بكثير. وحدهم «المجتبون» هم الذين تمكنوا من تنفيذ هذه الوصايا، أما «السماعون» فقد أوكل إليهم القيام بالأعمال المحظورة على المجتبين وتزويدهم بالطعام، ويترافق تناول تلك الأطعمة بإعلان براءة المجتبين من ذلك الفعل. مثال على قول أحدهم عند أكله للخبز: «لم أحصدك ولم أطحنك ولم أعجنك ولم أضعك في الفرن بل فعل ذلك شخص آخر وأحضرك إلي فأنا أتناول دونما إثم.» كما أن ممارسة الاعتراف والتوبة قانون هام.
وصف المانويين بالزندقة وكلمة "زنديق" هي كلمة فارسية دخيلة مشتقة من "زنديك" وتعني أتباع "زند"، وتشير إلى النوع الخاص من التقاليد المكتوبة الثابتة التي تنتمي إلى الشكل المجوسي من شيز، وإنما وصف المانوية بهذا الإسم كدلالة على أنهم أتباع تقاليد هرطقية -إذ أن كلمة زنديق قد حازت على هذه الدلالة في العصور الساسانية- ولأنهم ربطوا مع ديانة المجوس.
 
ومصادر معرفتنا بهذه الديانة ومؤسسها تشمل مصادر مباشرة كتبها مانى بنفسه أو أتباعه، ومصادر غير مباشرة كتبها مؤيدوه ومعارضوه القدماء. وقد اكتشف فى القرنين الأخيرين وثائق ومخطوطات مانوية هامة جدا فى إيران ومصر والصين وغيرها من البلاد التى انتشرت فيها المانوية.
 ومن بين هذه المصادر:
1-الرسائل الجدلية للقديس أغسطين(354 –430) التى دحض فيها هذه العقائد المانوية باعتبارها من الهرطقات.
2-الرسائل الجدلية للقديس تيتوس البسترى ضد المانويين
3-الصيغ اليونانية اللاتينية التى كان يستغفر بها المانويون المنتقلون للمسيحية
4-المواعظ السريانية التى كتبها (سيفي الانطاقى) وعددها 133 موعظة
5-كتاب الأسقف السرياني (تيودور بركونائى)
6-ابن النديم فى الفهرست
7-البيرونى فى آثاره الباقية
8-نصوص مانوية باللغة الفهلوية والصغدية والصينية اكتشفتها البعثات الألمانية والإنجليزية والفرنسية فى التركستان الصينية فى القرن العشرين
9-نصوص مانوية باللغة القبطية كتبت على أوراق البردي اكتشفت فى أوائل هذا القرن فى مصر
(انظر كتاب: إيران فى عهد الساسانيين) ص 169 –170.تأليف آرثر كريستنسن.ترجمة د.يحيى الخشاب.الألف كتاب الثاني. الهيئة المصرية للكتاب)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بدعة كيرينثوس

مكانة المرأة في الخدمة الكنسية والحياة النسكية – د. سعيد حكيم

أسئلة عن تلاميذ السيد المسيح